السبت، 29 أغسطس 2020

" الحاقة " ؛ حالة من التيه

 " الحاقة " ؛ حالة مريحة من التيه 

هل تعرف " الحق " ؟  نقول فى حق " القرءان " بأنه حق , ليس لأنه منزل من عند الله ؛ ذلك أن  معظم الناس فى العالم لا يؤمنون برؤيتنا له ؛ لكن مطابقته للواقع فى حياتنا و فى نظام الكون و قوانينه و سننه .. تقول على وجه اليقين بأنه حق , و من من البشر يمكنه ان يأتى بمثله ؛ كلاما مكتوبا و مقروءا لا يناقض مجريات الحياة على مر الزمن , و ما يستعصى عليك فهمه اليوم ؛ تجده ينفتح لك مستقبلا .. يناسب وعيك فى كل مرحلة من حياتك و أطوارك الوعيوية , حتى مع تعاقب حيواتك لاحقا .. ؟ 




الحقيقة و الحق .. و الحاقة 

الحقيقة كما يقول المفكرون و العامة من خلق الله ؛ نسبية , و نسبيتها بسبب اختلاف الوعى لكل منا .. و جيلا عن جيل سابق و عن جيل لاحق .. فما هو الوعى ؟ 

هو مجموع معارفك و خبرات تجاربك فى الحياة , هو ما عرفت و ما تعلمت فى حياتك حتى ساعته و تاريخه , بعض الأمور ثبتها المفكرون و العلماء باعتبارها مسلمة بديهية كثوابت الأديان مثلا ,  و بالتالى حقيقة واقعة ؛ ويأتى وقت ربما بعد جيل أو أكثر لنكتشف أنها ليست كذلك , و ننقض بناءها و نتخلى عنها .. و هكذا عمل العقل , فالعقل أداة ربط بين معطيات و براهين ونتائج , و هو أداة يملكها كل البشر .. مهمته توصيلك للحقيقة بمعطياتك من الوعى .. لهذا ندعوها " نسبية " 

 فما" الحق " ؟ الحق إسم مطلق لله تعالى .. و لما يماثله فى أرض الواقع , و لا يماثله فى ارض الواقع سواك ؛ حين تصفو و تتحد النفس فيك مع الروح منه , حين لم تعد بحاجة إلى أنبياء أو رسل ؛ فإن تجربتك .. تخصك وحدك و حين تتمها ؛ تحمد الله تعالى  فترتقى إليه و لم تعد بحاجة إلى عودة للتجسد هنا ؛ روحا فى تجربة مادية جديدة .. 

أما " الحاقة " ؛ فهى حالة من التيه , من الغشاوة تمنعك من رؤية الحقيقة .. فحين تظل محملا بالرغبات الشهوانية و الأمنيات الشيطانية .. و تزاول حياتك بين كره و بغض و حقد و حسد و خوف و طمع و كبر ؛ لن ترى الحق مهما كان قريبا منك و لو ألقى بين يديك على طبق من ذهب .. أنت ترى الآن أنها جميعا هيئات سيئة تحمل طاقات سلبية تنغص حياتك و تدفعك دفعا إلى العدو بين أقرانك لاهثا دوما لتحصيل ما تريد و ترغب و تتمنى و تحلم ,  فتعميك عن فوات الوقت حتى ينفذ رصيدك من الوقت .. هل ما زلت تراها " الحاقة " اسما من أسماء يوم القيامة ؟؟؟

كيف تحول الحاقة إلى الحق 

إتفقنا بأن " الحاقة " حالة توهان بالمعنى الحرفى تنتابك حين ىتستغرقك انواتك السلبيه و تعيق تقدمك فى رحلتك الروحية المفترضه هنا , فأنت كما قد تعلم روح خالدة تخوض تجربة مادية هنا على الارض بالتجسد فى جسدك هذا الذى تراه بالمرآة .. انت لست هذا الجسد ؛ انت قابع بداخله , مسيج بمادته تنبت من خلاله أنوات تهبط بك " و رددناه أسفل سافلين " ؛ مالم تتغلب عليها بأنوات الروح المقابلة لها , فترتقى و تتحد بالروح العليا .. و خيارك هنا ؛ هو أن ترتقى بالروح فتعطيها مقودك أو تستسلم لأنوات النفس الارضية , فتظل فى عذاباتك إلى يوم البعث ؛ إن كان لك بعث ذات يوم .. 

حين تزول  الألف  من " الحاقة " ؛ تصل مباشرة الى " الحق " و اليقين .. و تتجلى قدرات الروح فيك , و هى قدرات لا نهائية , و ليست مستحيلة أو مستعصية .. لن تجد من يخبرك بهذا من الكهنوت أو حتى من علماء الطبيعه و الكيميا و الصواريخ و هلم جرا .. الروح تملى أوامرها حتى على " الدى إن إيه "  خاصتك ؛ فتغير فيك خواصك الانسانية إلى خواص البشر .. فتذكر انك فى مستوى البشر بعد التسوية و زوال حالة التيه عن الحق الإلهى ؛ فإن ربنا .. أسجد لك الملائكة .. هذا يعنى أنهم فى خدمتك فورا و لن ينتظروا أمرا جديدا من رب العالمين ؛ كى يكونوا لك خاضعين .. ففيك نفحة من روح الرب .. من يجروء على معصيتك إذن ؟؟  سيكون فعلك .. أمرك بين الكاف و النون ..

ربما مشوار الرحلة طويل ؛ لهذا تعددت حيواتك و فرصك و محاولاتك , تذكر فقط أنك هنا لهذا الغرض تحديدا .. 


مفتتح سورة " الحاقة " 

{ 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ }


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التأمل .. ما هو ؟ و ما ضرورته ؟

 لو أنك لا تعلم ؛ فالتأمل ؛ حالة الصمت التام و الانفراد بالذات .. هو أمر من الضرورة بمكان ، و لهذا عبر عنها النص المقدس بأنها " كتابا م...